في ظل التقارير الأخيرة اليوم، حول انفجار أجهزة ذكية وأجهزة “البيجر” بشكل متزامن، والتي استهدفت عناصر من حزب الله في لبنان وسوريا، وما تبعه من تسليط الضوء على الخطر المتزايد للحرب السيبرانية. وإثارة تساؤلات حول الأساليب المستخدمة لاختراق هذه الأجهزة عن بُعد وتفجيرها. يستعرض هذا التقرير السيناريوهات المحتملة لتنفيذ هذا الهجوم.

استغلال الثغرات عن بُعد:
من المحتمل أن أجهزة “البيجر” المستخدمة من قبل حزب الله كانت قديمة وتناظرية، وكذلك أجهزة الهواتف الذكية، قديمة ومن طراز تم وقف دعمه تقنيًا بالتحديثات والإصلاحات الأمنية، مما يجعلها أهدافًا سهلة للاستغلال. وعلى عكس الأجهزة الحديثة، تفتقر هذه الأجهزة غالبًا إلى وسائل الأمان الكافية، مما يترك ثغرات في بروتوكولات الاتصال الخاصة بها. يمكن للقراصنة أو الاستخبارات المعادية استغلال هذه الثغرات عبر إرسال إشارات موجهة للتفاعل مع الأجهزة، ما يؤدي إلى تعطلها أو تحميلها حمل زائد عند قدراتها. ونظرًا لأن هذه الأجهزة تعتمد على الترددات الراديوية، يمكن للخصوم المهرة تصميم إشارات تتداخل بدقة مع المكونات الداخلية للأجهزة، مما يؤدي إلى أعطال كارثية أو حتى انفجارها.

التلاعب بالأجهزة:
احتمال آخر هو التلاعب المسبق بالأجهزة خلال مراحل التصنيع أو عبر سلسلة التوريد. إذا تم زرع برامج خبيثة أو أبواب خلفية، يمكن للمهاجم تفعيل آليات التفجير عن بُعد. هذا السيناريو يفسر الدقة والتزامن في الانفجارات التي حدثت في مواقع متعددة، وهو يتطلب تخطيطًا طويل الأمد وربما مشاركة عناصر من الداخل أو أفراد استخبارات تمكنوا من الوصول إلى هذه الأجهزة قبل وصولها إلى عناصر حزب الله.

التحميل الزائد للطاقة عبر إشارات خارجية:
مثل العديد من الأجهزة اللاسلكية، تعتمد أجهزة “البيجر” على ترددات محددة للتواصل. قد يتمكن المهاجم من استغلال إشارة خارجية قوية، مثل الترددات الراديوية أو موجات الميكروويف، لتحميل دوائر هذه الأجهزة بشكل زائد. من خلال تعديل هذه الإشارات بدقة، يمكن أن تسخن المكونات الداخلية للأجهزة وتتعطل، مما يؤدي إلى الانفجار إذا تعطلت دوائر التحكم في الطاقة الداخلية. يتطلب هذا الأسلوب معدات متخصصة لإرسال إشارات مركزة إلى عدد كبير من الأجهزة في وقت واحد. ولا تمتلك سوى عدد قليل من الدول، مثل إسرائيل، القدرة التكنولوجية لتنفيذ مثل هذه العمليات المتقدمة.

التحميل الزائد لبطاريات الليثيوم وتفجيرها:
تُستخدم بطاريات الليثيوم على نطاق واسع في الأجهزة الإلكترونية، بما في ذلك أجهزة “البيجر”، وقد تكون غير مستقرة في بعض الظروف. إذا تعرضت بطارية الليثيوم لشحن مفرط أو لضرر غيزيائي أو لدرجات حرارة عالية، يمكن أن تدخل في حالة تُعرف بـ “الانفجار الحراري”، حيث تفقد البطارية السيطرة على درجة حرارتها مما يؤدي إلى انفجارها. يمكن للمهاجم استغلال هذا الأمر بإرسال إشارة تسبب عطلت في نظام إدارة الطاقة في الجهاز، مما يؤدي إلى انفجار البطارية. قد تنتج عن هذه الانفجارات أضرار كبيرة نظرًا لأن بطاريات الليثيوم تحمل طاقة كبيرة وقد تؤدي إلى اندلاع حرائق أو انفجارات إضافية للأجهزة المجاورة.

إن هجومًا بهذا الحجم، والذي أدى إلى انفجار أجهزة بشكل متزامن في مواقع متعددة، يتطلب مستوى عالٍ من التقنية، والتنسيق، وربما معرفة داخلية. سواءً تم عبر اختراق مباشر، أو تلاعب بالإشارات، أو زرع متفجرات مسبقًا، يعكس هذا الهجوم مزيجًا من الحرب السيبرانية الحديثة وأساليب التخريب التقليدي. ومع القدرات الاستخباراتية والتكنولوجية المتقدمة التي تتمتع بها إسرائيل، فهي واحدة من الدول القليلة التي تمتلك القدرة على تنفيذ هجوم معقد ومنسق بهذا الشكل.